إسبانيا تُواجه العاصفة: كيف تعاملت مدريد مع انقطاع الكهرباء الأوروبي الكبير؟

رغم ريادتها في مجال الطاقة المتجددة، لم تسلم إسبانيا من تداعيات أزمة انقطاع الكهرباء الشامل الذي ضرب أوروبا نهاية أبريل 2025. وبينما تميزت دول مثل ألمانيا وإيطاليا بالشلل شبه الكامل، قدمت التجربة الإسبانية نموذجًا مختلطًا بين الصمود والارتباك، خاصة في مناطق الريف والجزر.
في هذا التقرير، نستعرض بالتفصيل كيف أثرت الأزمة على الحياة اليومية في إسبانيا، كيف استجابت الحكومة المركزية والحكومات الإقليمية، وما الدروس المستفادة من بلد كان يُعدّ حتى الأمس القريب مثالًا في التحول الطاقي.
🌐 بداية الأزمة في إسبانيا: لم تكن استثناء
في فجر الاثنين 29 أبريل، بدأت الانقطاعات تظهر أولًا في المناطق الشمالية المتصلة بشبكة فرنسا. خلال ثلاث ساعات فقط:
- 🔌 انقطعت الكهرباء عن أكثر من 4.3 مليون شخص في كتالونيا والباسك.
- 💡 شهدت جزر البليار والكناري اضطرابات في التيار استمرت حتى اليوم التالي.
- 🏙️ العاصمة مدريد تضررت جزئيًا، مع انقطاع متقطع في أحياء وسط المدينة.
أكدت شركة Red Eléctrica de España أن السبب يعود إلى “فقدان التوازن المفاجئ في الشبكة الأوروبية المشتركة”، دون أن توضح مدى هشاشة الربط العابر للحدود.
🏥 البنية التحتية الصحية: ثبات نسبي مع بعض الثغرات
استفادت إسبانيا من تجربة جائحة كورونا في تعزيز منظومة الطوارئ الصحية، إذ:
- 🚑 عملت 95% من مستشفيات الدولة بشكل طبيعي بفضل منظومة المولدات الاحتياطية المحدثة.
- 📊 لم تسجّل أي وفيات مرتبطة مباشرة بانقطاع الأجهزة الطبية.
- 📉 بعض المراكز الصحية في القرى الداخلية واجهت مشاكل في الحفاظ على درجات الحرارة في وحدات الحضانة.
وقد أصدرت وزارة الصحة بيانًا تؤكد فيه “نجاح الاستجابة الصحية على الرغم من حجم الأزمة”، وهو ما أشادت به منظمات أوروبية مستقلة.
✈️ و🚆 النقل في اختبار قاسٍ
تأثر قطاع النقل بشكل متفاوت في إسبانيا:
- ✈️ مطار “إل برات” في برشلونة شهد تأخيرًا في 63 رحلة بسبب خلل في نظام الملاحة الأرضية.
- 🚇 توقفت خطوط المترو في مدريد لمدة ساعة، لكن أعيد تشغيلها تدريجيًا.
- 🚂 القطارات السريعة AVE شهدت توقفًا مؤقتًا في الخط الرابط بين مدريد وإشبيلية.
ورغم سرعة الاستجابة، إلا أن الانتقادات طالت شركة النقل الوطنية Renfe لتأخرها في إصدار بيانات توضيحية للجمهور.
🏘️ الحياة اليومية: الريف يعاني أكثر
انكشفت الفوارق الجغرافية والاجتماعية خلال الأزمة:
- 🏡 المناطق الريفية في جنوب إسبانيا مثل الأندلس ومرسية بقيت بدون كهرباء لمدة 14 ساعة في بعض البلدات.
- 🛒 تعطلت شبكات الدفع الإلكتروني في الأسواق، ما أدى إلى طوابير طويلة ومحاولات لسحب النقود من البنوك.
- 📶 تراجعت جودة الإنترنت المحمول بنسبة وصلت إلى 70% في الأرياف والجزر.
الحكومة المحلية في إقليم الأندلس طالبت بإنشاء وحدات طوارئ مخصصة للقرى الصغيرة في حال تكرار الحادثة.
🔋 إسبانيا والطاقة المتجددة: أين الخلل؟
رغم أن 47% من الكهرباء في إسبانيا تأتي من مصادر متجددة (رياح، شمس، مياه)، إلا أن:
- 📉 غياب تخزين الطاقة الكافي جعل البلاد عرضة للصدمات في الشبكة الأوروبية.
- 🔁 الاعتماد المفرط على الربط مع فرنسا والبرتغال تسبب في تسرب العطل بسرعة.
- ⛔ لم تكن هناك خطة لتوزيع الحمل الكهربائي المحلي وقت الطوارئ.
وصرّح رئيس هيئة تنظيم الطاقة بأن “النجاح في إنتاج الكهرباء لا يعني الحماية الكاملة، إذا لم يُرافقه استثمار في المرونة والتخزين”.
📢 استجابة الحكومة والمجتمع
رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز ظهر في مؤتمر صحفي في مساء يوم الأزمة، وأعلن:
- 📊 تشكيل لجنة تحقيق برلمانية لبحث الخلل الفني.
- 🔧 خطة استثمار بقيمة 5.5 مليار يورو لتوسيع تخزين الطاقة بحلول 2030.
- 📱 إطلاق تطبيق “LuzSegura” لتحذير المواطنين من أي خلل قادم.
كما أطلقت البلديات الكبرى حملات توعية حول ترشيد استخدام الكهرباء والاستعداد لحالات الطوارئ المنزلية.
🇪🇸 هل خرجت إسبانيا بأقل الأضرار؟
مقارنة بدول مثل ألمانيا أو إيطاليا، تبدو إسبانيا قد خرجت من الأزمة بأقل الأضرار بفضل:
- ✅ جاهزية المستشفيات ومنظومة الطوارئ.
- ✅ بنية تحتية حديثة نسبيًا في المدن الكبرى.
- ✅ استجابة حكومية سريعة نسبيًا.
لكن لا يمكن تجاهل نقاط الضعف، خاصة في المناطق الريفية وشبكات الاتصال، ما يستوجب خططًا أكثر تركيزًا على التوزيع الجغرافي العادل للطاقة.
📝 خلاصة: الأزمة اختبار واقعي لـ “نموذج إسبانيا الأخضر”
أثبتت الأزمة أن النجاح في إنتاج الطاقة المتجددة لا يكفي دون استثمار في تخزينها وتوزيعها، وأن إسبانيا رغم قوتها في هذا المجال، لا تزال عرضة لتقلبات الشبكة الأوروبية المشتركة.
في التغطية القادمة، ننتقل إلى فرنسا، حيث تسببت الأعطال في محطات الطاقة النووية بتأزيم الوضع أكثر. كيف تعاطت باريس مع الأزمة؟ وهل أخفقت رهانها النووي؟
📍 تابع تغطيتنا اليومية لأزمة الكهرباء الأوروبية على موقعنا، حيث نقدم مقالات تحليلية من داخل كل دولة متأثرة.